قصة اقــــــــــــالة صلاح قوش بالتفاصيل

مساء أمس يرن الهاتف المحمول لمستشار رئيس الجمهورية لشؤون الامن القومي الفريق أول مهندس صلاح عبدالله محمد صالح الشهير بـ(صلاح قوش)، وفجأ يطلب قوش من محدثه بالطرف الثاني الانتظار لبعض الوقت ريثما ينتهي مع مقابلة ما رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بمقر بيت الضيافة.

دلفت سيارة قوش لداخل مقر الرئيس واوقف عربته قرب البوابة الزجاجية وترجل من عربته

ودلف لداخل المبني، وربما جال في ذهنه وهو الرجل الذي عمل لسنوات عديدة في دهاليز الامن

والمخابرات منذ وصول الانقاذ للسلطة قبل أكثر من عقدين، أن الخلاف الأخير الذي تصاعد مؤخراً

بينه وبين مساعد رئيس الجمهورية والرجل الثاني في حزب المؤتمر الوطني -الذي يرأسه الرئيس- د.نافع على نافع لابد أن يكون حاضراً في هذه المقابلة المسائية المفاجئة التي طلبها البشير.
ابلاغ بالقرار
عندما التقي البشير بضيفه تجاذب معه بعض اطراف الحديث على الطريقة السودانية في التعامل مع الضيوف، ثم عرج على الموضوع الذي طلبه من أجله بإبلاغه قراره بإعفائه من منصبه كمشتشار لرئيس الجمهورية لشؤون الامن القومي.
تلقي قوش قرار الاقالة وبعدها بلحظات وضح أن الاجتماع قد انتهي جنده ووقته، واستأذن في الانصراف، وقفل عائداً لمنزله بالخرطوم (2) عبر الطريق المار أمام مقر رئاسة جهاز الامن الوطني والمخابرات الذي شيد في فترة توليه منصب المدير العام للجهاز، ربما غالبته العديد من الذكريات.

ولنا عودة

لقد اسدل الستار السياسي للمستشار الخطير صلاح قوش وتعد هذه بداية لمفارقة اخري والحبل على الجرار

دخان قبل النار

قرار إقالة قوش من منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية ظل يتردد صداه بعد تصريحه الشهير (نافع يخصه هو) ... وسرت تكهنات عديدة بأن وجوده داخل القصر الجمهوري لن يدوم طويلاً.
في وقت متأخر من مساء اواخر ايام شهر ابريل كانت الاشاعات قد تحولت لحقيقة، حينما صدر مرسوم رئاسي من رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أعلن فيه اعفاء الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح (قوش) من منصبه مستشاراً لرئيس الجمهورية.

انهيار رأب الصدع

مصادر مطلعة بحزب المؤتمر الوطني طلبت حجب اسمها، كشفت لـ(السوداني) عن فشل مساعى بذلتها قيادات بارزة بـ(الوطني) خلال الايام الماضية لاحتواء الخلافات التي طفت على السطح مؤخراً بين مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني لشئون الحزب د. نافع علي نافع من جهة ومستشار الرئيس لشئؤن الامن القومي أمين امانة العاملين بالمؤتمر الوطني الفريق أول مهندس صلاح عبدالله قوش.
وطبقاً لذات المصادر فإن مساعي رأب الصدع بين الرجلين تعرضت يوم أمس للانهيار والفشل، مشيرةً لقيام بعض من القيادين بتحركات بدأت مساء أمس لانهاء الأزمة بإبعاد قوش من منصبه الاستشاري لرئيس الجمهورية.

وللحديث بقية

تأجيل الاجتماع
وتأجل الاجتماع الدورى للمكتب القيادي للوطني الذي كان من المقرر عقده مساء امس لموعد

لاحق، والذي وكان من بين أبرز الاجندات المطروحة الاحاطة بالخطوات التي تم اتخاذها لتلافى

اثار التوتر الأخير بين نافع وقوش، بجانب عدد من القضايا والموضوعات التي تتعلق بترتيبات المرحلة المقبلة.
بداية الازمة

بدأت الأزمة الاخيرة بين نافع وقوش، خلال اليومين الماضيين عقب ادلاء الأول بتصريحات لبرنامج مؤتمر إذاعي الذي بثته الاذاعة السودانية يوم الجمعة الماضية اعتبر فيه أن حزبه غير معني بالحوار الذي تنظمه مستشارية الامن القومي مع القوي السياسية.
وفي اليوم التالي سارع قوش بعقد لقاء صحفي مصغر لعدد من رؤساء التحرير شن فيه هجوماً نادراً وغير مسبوق على نافع، وصف فيها حديثه للبرنامج الاذاعي بأنه "يخص شخصه، ولا يمثل مؤسسات الحزب".
اختلاف منهج

وبنظرة لحديث الرجلين ربما كان ذلك التباين أمر طبيعي لفريقين داخل حزب حاكم يعيد الان ترتيب بناءه الداخلي ومراجعة الخارطة السياسية للبلاد، ويتوجه صوب مؤتمره العام الرابع لإدارة أصعب عملياته الداخلية لاجتياز إختبار عقبة التعاقب الدوري لقياداته ومراجعة اداءه وخطابه.
هذه التحولات التي زاد من تفاعلها حديث رئيس الحزب المشير عمر البشير وإعلانه رغبته التنحي عن رئاسة البلاد بعد تمام ولايته الرئاسية الحالية بجانب تنحيه عن رئاسة الحزب وبناء المؤتمر الوطني في المرحلة المقبلة بشكل مواكب ومتجدد مأخذ الجد وبدأ النقاش حول ضرورة التجديد لاجل وثبة أقوى للمؤتمر الوطني وفق ما اعلن عنه الرئيس البشير.
ولكن ربما يتضح شكل التباين حول الرؤى بشكل أعمق حين يرتبط الامر بإدارة الدولة والتعاطي مع القوى الاخرى خاصة فيما يتعلق بعملية الحوار السياسي الجاد مع القوى السياسية حول برنامج الحكومة العريضة التي يطرحها الحزب وبين الحوار القومي الذي تجريه المستشارية بغرض الوصول لحلول حول القضايا التي تسميها تلك القوى بالقضايا القوميه وبمعادلة بسيطة تجد ان الحوارين على مستوى الحزب والدولة مكملين لبعضهما البعض إذ انه وفي حالة مشاركة بعض القوى في الحكومة القادمة فإن الضامن للإستقرار السياسي مايمكن أن تتضمنه حزمة مخرجات الحوار الوطني الإستراتيجي الذي تنظمه رئاسة الجمهورية عبر المستشارية الامنية.

**********************************************************

في ما الخلاف ؟

!
إذا كانت تلك الرؤيو ففي ما الخلاف ..؟! يبدو أن هذه الجزئية التي يشهدها تفاعل الحوار الداخلي بين قيادات الحزب قد أفرزت هذا التباين الذي يمثل فريقين الاول يرى أنه يمتلك الكره ومن مصلحته أن يظل مخالفيه في حالة دربكة تضمن له إحراز الهدف من اي زاوية حرجة للخصم ويستند هذا الفريق على الحالة التي تنتاب القوى السياسية الاخرى وعدم وضوح رؤيتها ومواقفها وربما كان هذا الفريق بقيادة نائب رئيس المؤتمر الوطني لشئون الحزب.
اما الفريق الاخر فربما انه يرى بغير ذلك وربما ايضاً أنه فريق يرى ان الاحتفاظ بالكرة لفترة أطول لا يجلب الاستمتاع بالمباراة علاوة على أن ذلك من شأنه أن يدفع الجمهور (للسخط) و(الثورة) على فريقه ولذلك ربما يرى هذا الفريق ضرورة أن يعزز الثقة في خصومه وحملهم للتعامل معه بندية ومصداقية تجلب الخير للجميع وربما كان هذا التيار بقيادة الفريق قوش. وهو ماقاد بتقديري لان يخرج ذاك التباين بالكيفية التي خرج بها.
ولان المؤتمر الوطني أيضاً ليس محصناً من الامراض والابتلاءات فمن الممكن جداً أن يتسلل من بين مسامات ذاك التباين صراع جديد للإرادات يقود لتكتلات ومراكز قوى وهكذا هي الصورة الان على اقل إجتهاد وهي صورة بكل تأكيد ستجتر من خلفها ما راج لابعاد قائد الفريق الثاني وماراج من تدابير تأمينية عالية صاحبت تلك العملية ومن ثم وضعه تحت المجهر بإستمرار.. هذا بجانب ان هناك قيادات ترى في الرجل طموحاً زائداً تخشى دائما ان يجعل منه مركز ثقل يصعب على مؤسسات الحزب كبح جماحه وقد اجريت إتصالاً بأحدهم مستفسراً عن أبعاد هذا التباين فقال لي "... مشكلته أنه يجعل من كل موقع إمبراطورية و... ينفخها.."
أول (لا)ينفخها))

هكذا قد تبدو الصورة او جزء منها من الداخل وهي ما يمكن إكمالها من خلال ردة فعل مستشار الرئيس التي بدت لمن حضروا المقابلة الصحفية هادئة وعادية ولكنها ربما كانت بغير ذلك إذ انها حملت رسائل مبطنة تحمل شظايا قابلة للإنفجار فالرجل عندما قال ان حديث نائب رئيس الحزب (أمر يخصه) ربما كانت هي المرة الأولى التي توجه فيها مثل هكذا رسائل لدكتور نافع منذ توليه نائب رئيس الحزب لموقعه والتجديد له عبر مؤتمرين بمعنى أكثر دقة ووضوح أن المستشار ربما انه اول من قال (لا) للرجل الثاني في الحزب والرابع في الدولة! وربما كانت تلك الرسالة تجتر ماقبلها من أن الرجل في كثير من الاحيان (لايمثل إلا نفسه)، يعزز هذا الاعتقاد القوي بان المستشار احد اقوى المرشحين لخلافته بالمركز العام، وربما لاكثر من ذلك قد تبدو الرسالة انها موجهة بشكل مباشر للقول "اننا جميعاً في صف واحد وليس لاحد وصاية وقرار على احد والفيصل في ذلك المؤسسات التي أقرت ماتقدم عليه المستشارية".
وقد تكون تلك الرسائل ايضاً احد محاور الحوار الجاري الان داخل الحزب فيما يتعلق بفصل الحزب عن عمل الدولة. وقد يقول قائل ان الفريق الاول على حق في رؤيته ويضيف ان الحكومة لايمكن ان تحاور القوى السياسية والمجتمعية عبر المستشارية الامنية ولكن مثل هذا القول يسهل ضحده بمراجعة عادية لمهام وادوار المستشارية الجديدة ولئن كان القول بأن ذلك ربما يدفع الاخرين للقطيعة النفسية من خلال قيادة تلك الشخصيات للمستشارية وجهاز الامن في الفترة الماضية فإن الإرشيف الوطني يسجل لمستشارها حقيقة انه أول من قاد الحوار مع كل القوى السياسية ومن داخل مباني جهاز الامن أيام الانفراج السياسي فلماذا إن صح ذلك الزعم لم ترفض تلك القوى الحوار مع الامن وتلجأ لمؤسسات المؤتمر الوطني؟!.

هل خرج من الاطار

ولكن هل الان يمكننا القول أن التباين المشار اليه قد خرج من إطاره المؤسسي المنضبط؟، ربما الذين يقولون نعم يعتقدون بأن المستشار يسعى لتوسيع نفوذه السياسي داخل الحزب عبر إستقطابه لقطاعات فئوية مؤثرة تلتف حوله الان وهي ذات القطاعات التي كادت ان تخرج على المؤسسات عند إقالة الامين العام السابق للمستشارية بسبب الحملة التي قامت ضده والتي قد يرى البعض انها لاتنفك بأي حال من هذا التباين وهذه مقروءة مع إبعاد وزير الدولة بالصحة والذي يشغل ايضاً منصب رئيس القطاع الصحي لامانة العاملين بالحزب وربما إعتقد البعض ايضاً ان المستشار يعطل عمل الحزب والدولة ويسعى لتكوين أجهزة موازية، ربما نعم وربما لا ايضاً اما الذين يعتقدون بخروج التباين من ذاك الإطار فربما يرون ان في الكثير من تصريحات نائب رئيس المؤتمر الوطني لشئون الحزب انها تستعدي الاخرين وان ليس لاحد داخل الحزب مصلحة في توتر الساحة الداخلية من خلال تلك التصريحات ضد قوى لم تبتدر هجوماً ضد المؤتمر الوطني يبرر ذاك العنف اللفظي وايضاً ربما نعم وربما لا..!! في الغالب ان مثل هذا التباين الذي يخرج للرأي العام ينتهي بمسارين الاول يعتمد على جودية ولجنة حكماء والثاني ينتهي بإبعاد الطرفين او طرف واحد يسدل به الستار على طريقة اخر العلاج............

الصراعات داخل المؤتمر الوطني قديمة ومتجددة، وهي ظاهرة طبيعية في حزب مثل المؤتمر الوطني،جاء تشكيله الأخير بعد استلام السلطة، واجتمعت فيه وجوه وتيارات كثيرة. صحيح أن قلب التنظيم هو الجبهة الإسلامية القديمة، لكن تحول الحزب خلال السنوات الاخير لتحالف عريض ومترهل لقيادات الإدارة الاهلية وزعماء القبائل والطرق الصوفية وكبار رجال الأعمال وممثلي البيوتات التجارية وأصحاب المصالح والحظوات والمؤلفة قلوبهم من الأحزاب الأخرى وراغبي التمسح في السلطة وما إليهم. ولأن السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة فساد مطلق، فقد تباينت الصفوف وكثرت الصراعات والمجموعات والكيمان.

قصة اقــــــــــــالة صلاح قوش بالتفاصيل

قصة اقــــــــــــالة صلاح قوش بالتفاصيل :: تعاليق

قصة اقــــــــــــالة صلاح قوش بالتفاصيل