بالنص الدستوري، ثم بالموثق بقانون الصحافة، يحق للصحفي البحث عن المعلومة والحصول عليها ثم تمليكها للرأي العام، وكذلك هناك نص يلزم كل مؤسسات الدولة بتمليك المعلومة للصحفي ..هذا معلوم لكل من يفك الحرف، ليس في طول البلاد وعرضها فحسب، بل في كل أرجاء الكرة الأرضية..ولكن يبدوا أن وزير مالية السودان وحده يجهل تلك المعلومة.. ولولم يكن يجهلها لما تعامل مع زميلنا أبو القاسم إبراهيم تعاملا يعكس بأن البعض المسؤول يحسب بأن كل البلد - بدستورها وقوانينها ومناصبها وشعبها وسلطتها الرابعة - محض ضيعة، هم ملاكها..وليس في الأمر عجب، فالوزير العاجز عن تحسين إقتصاد البلد، لم نتوقع منه غير إنتهاك دستور البلد وقوانين سلطة البلد الرابعة..أي ذاك العجز من مثل هذا الإنتهاك..فالنصوص الدستورية والقانونية ليست ب( خشم بيوت ولاخيار وفقوس)، بحيث يلتزم وزير المالية بتنفيذ النص الذي يهواه ثم ينتهك النص يخالف هواه.. وإن كان سيادته غير راغب بالإلتزام بكل تلك النصوص- كحزمة واحدة - فليرحل اليوم قبل ضحى الغد عن هذا المنصب العام، ولن يأسى على رحيله إلا (أعداء القوانين) و( هواة الفساد)، وما أكثرهم ..!!
** الإدارة الإقتصادية بالصحيفة، لها التحية والتقدير، تحصلت على وثيقة رسمية تحمل توقيع وزير المالية، وهي العقد الذى تولى بموجبه عثمان حمد منصب المدير العام بسوق الخرطوم للأوراق المالية.. وتلك مؤسسة عامة، ويمتلك الشعب السوداني كل أسهمها، ومن حق هذا الشعب أن يكون ملما بكل تفاصيلها ..أي ليست كما بقالة أبو الرخاء أو دكان اليماني، بحيث يديره صاحبه كما يشاء.. ولذلك، أي لأنها مؤسسة لكل مواطن نصيب فيها، تعاملت الإدارة الإقتصادية بالصحيفة مع معلومات تلك الوثيقة بمهنية عالية.. وهي معلومات تكشف بأن الراتب الشهري لمدير سوق الخرطوم للأوراق المالية يساوي ضعف الراتب المعلن لرئيس جمهورية السودان، أي ( 18 مليون جنيه).. فالراتب المعلن لرئيس البلد (9 مليون جنيه)، وراتب نائبه المعلن (7 مليون جنيه)، وراتب والي الخرطوم المعلن (5 مليون جنيه)، وعليه راتب هذا المدير - حسب ما ينص العقد - ينقص عن حاصل جمع رواتب الرئيس والنائب والوالي، ب ( 3 مليون جنيه فقط لاغير)..!!
** ليس ذاك فحسب، بل مخصصات المديرعثمان حمد تتجاوز المليار جنيه سنويا.. وأغرب ما فيها ما يسمى ببدل العيدين ( الأضحى والفطر)، حيث قيمة هذا البدل (90 مليون جنيه )..أليس معيبا يا رجل بأن تعيد بهذا المبلغ، بيد أن السواد الأعظم من أهل بلدي يعيدون بدموع الفقر والنزوح و الهجرة ؟.. والحمد لله، غض العقد طرفه عن بدلات أعياد الإستقلال، الكريسماس، الإنقاذ، الشهيد، الحصاد وغيره من بنود ( النهب المصلح)..ولكن بالعقد بدل لبس السيد المدير، قيمته تساوي ( 72 مليون جنيه سنويا)..وهنا نسأله بكل براءة
إنت بتلبس شنو يا زول ؟)، أية ماركة تجارية تلك التي قيمة ملابسها تساوي ميزانية (مستشفى ريفي ومدرسة طرفية ) ؟..وأيا كانت ماركة ملابسك، إن لم تستح حكومتك، ألا تستحي بأن يكون بدل لبسك مبلغا قدره (72 مليون جنيه سنويا)، بيد أن أطفال دارفور يفطمون كما ولدوا عراة في معسكرات النزوح واللجوء ؟.. ثم تأملوا بالله عليكم هذا الغول المخيف، أسموه ببدل بونص، حيث يستلم المدير -باسم ذاك البدل - راتب ( 15 إلى 18 شهر سنويا)..يلا يا صديقي القارئ، اضرب تلك الشهور في راتب المدير، لتعرف (حجم الخراب الحاصل )..بل حتى فواتير هواتف منزله، وكذلك الكهرباء والمياه، تدفعها أنت - أيها المواطن البائس- على ( داير المليم)، كما يشير العقد.. نعم، الهواتف التي تستخدمها أسرته، وكذلك الكهرباء والمياه التي تستهلكها أسرته، تدفع فواتيرها أنت أيها الأسير المسمى - مجازا - بالمواطن.. ولإجازته السنوية بدل قيمته ( 90 مليون جنيه سنويا )، مع ( خمس تذاكر سفر مفتوحة العواصم والمدائن العالمية)..لسع، أي المواجع قادمات..كل تلك المرتبات والمخصصات خالية من الضرائب، بحيث يلزم العقد الشعب السوداني - تمثله سوق الخرطوم للأوراق المالية - بدفع ضرائب المدير عثمان حمد..نعم، الشعب يدفع له ما يتجاوز المليار سنويا، ثم يدفع - انابة عنه - ضرائبه..هكذا وضع سيادته في تلك المؤسسة العامة، لايختلف كثيرا عن وضع الملك فاروق عندما كان يحكم (مصر والسودان)..!!
** الأخ أبوالقاسم، زميلنا النشط بالإدارة الإقتصادية، توجه الي وزارة المالية ليتحرى عما في العقد الذي يحمل توقيع وزير المالية، أي ليؤكد أو ينفي..وماكان من الوزير إلا أن يغضب ثم يأمر أفراد حرسه بإعتقاله إلا أن يكشف لهم عن ( مصدر الوثيقة)، قائلا بالنص : ( ده مستند رسمي، جبتو من وين ؟، إعتقلوه لحد ما يوريكم جابو من وين )..هكذا إعترف وزير المالية بأن العقد صحيح وكذلك توقيعه ثم كل تلك الأموال المسلوبة من مال الشعب بنهج ( السلب المصلح)، وكل هذا لم يغضب الوزير و لكنه غضب لجهله بالمصدر الذي تحصل منه الصحفي على ذاك العقد، ولمعرفة المصدر أمر حرسه الخاص بحبس الصحفي..راجعوا أحكام كل محاكم الدنيا والعالمين، لن تجدوا محكمة حكمت على صحفي ب( الحبس لحين كشف المصدر)..ولذلك هنيئا للسودان، بحيث وزير مالية حكومته صار مؤهلا لتوثيق اسمه - وحكمه هذا - في موسوعة غينيس للغرائب والعجائب..!!
** المهم، لولا وعي قادة السلطات والأجهزة التي أقتيد إليها الأخ أبو القاسم، لظل سجينا بأمر وزير المالية لحين ( كشف مصدره).. لقد أطلقوا سراحه بعد أن غادر حرس الوزير .. أها، ماذا أنت فاعل يا مجلس الصحافة، ويا إتحاد الصحفيين ؟..هل نؤصل لكما حكم الوزير بحيث يصبح نصا في قانون الصحافة يلزم الصحفي بكشف مصادره عند الزوم، أم بكما شجاعة تدين وتشجب وتستنكر تصرف وزير المالية ؟..فلننتظر رد فعل المجلس والإتحاد.. والى حين الرد المسؤول أو تواصل الصمت الخجول والجبان، نعترف بأن الصحف أخطأت يوم غضبت من تصريح وزير المالية الشهير، أي ذاك التصريح الذي بشر فيه الشعب بالعودة الي أزمنة ( الكسرة والعصيدة) بعد إنفصال الجنوب..ما كان علينا أن نغضب، فالوزير الذي يخص مدير إحدى مؤسساته بكل تلك المزايا الموثقة في ذاك العقد، له الحق بأن يبشر الشعب ب( النيم والقرض)، وليس فقط ب(الكسرة والعصيدة) .. !!
الثلاثاء مايو 17, 2011 1:58 pm من طرف عبدالسلام محمد