الانتخابات القادمة تجرى في ظروف صعبة لانها اول انتخابات تعددية بمشاركة جماعية تجرى منذ ثلاثة وعشرين عاماً إذ ان آخر انتخابات ديمقراطية كانت في العام 1986م، ولذلك فانها ستكون التجربة الاولى من نوعها لاغلبية الناخبين وسيحتاجون الى جهد كبير من الشرح والتوعية حتى يلموا بتفاصيل هذه الانتخابات وكيفية المشاركة واذا أخذنا في الاعتبار ارتفاع نسبة الأمية لادركنا كم هي صعبة مهمة التوعية خاصة والانتخابات تجرى لمستويات دستورية مختلفة بدءاً من رئاسة الجمهورية وانتهاء ببرلمان الولاية وباساليب انتخابية مختلفة تشمل الانتخاب بالأغلبية المطلقة والانتخاب بالأغلبية البسيطة والانتخاب بالقائمة المغلقة للتمثيل النسبي.
والخلاف اليوم يتركز حول الانتخاب النسبي و (كوتة) المرأة ولا بد ان نسأل انفسنا: لماذا اتفق الجميع على ادخال مبدأ التمثيل النسبي لاول مرة في السودان وتطبيقه مختلطا مع الدائرة الجغرافية في انتخابات البرلمان الاتحادي؟
هناك اسباب عديدة ادت الى اللجوء الى التمثيل النسبي وفي مقدمتها: اولا ان نظام الاغلبية البسيطة نظام غير عادل في التمثيل وثانيا ان التمثيل النسبي يتيح للمجموعات والتنظيمات الصغيرة والجهوية ان تتمثل في الجهاز التشريعي وان تطرح رؤاها مما يعزز مبدأ جماعية المشاركة ويقضي على الاحساس بالتهميش وهذا امر بالغ الاهمية في هذه المرحلة من تطور السودان السياسي اذ بدأ يسود إحساس لدى مجموعات جهوية كثيرة بأنها تتحرك خارج دائرة الفعل السياسي مما يجعل اشراكها الفاعل في الجهاز التشريعي امرا لازما لتحقيق الوحدة الوطنية ولهذا السبب فان أية محاولة لتصميم اسلوب الانتخابات بالقائمة لا يوفر تمثيل هذه المجموعات تمثيلا عادلا يهزم الفكرة الاساسية في المشاركة ويزيد من احتمالات التشرذم والرفض الجهوي