عبدالسلام محمد مشرف
عدد الرسائل : 259 العمر : 45 الموقع : المملكة العربية العربية السعودية / جـــــدة العمل/الترفيه : مجموعة شركات ومؤسسات سلطان سعود السبيعي للتجارة والمقاولات والصيانة المزاج : رايــــــــــــــــــــــــــق وحلو علم البلد : الاوسمة : SMS : amokassala@hotma.com
كن مع الله ولاتبالي تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| | البشيـــــــــــــــــــر | |
للرئيس عمر البشير مشكلة مزمنة لا يرجى شفاؤه منها ، وهي ان لسانه يسبق عقله ، فهو ينطق ثم يفكر ، ولا يأبه بنتائج قوله ، ولا يستحي من (بلع) حديثه ، فهو ليس كشأن نظرائه من الرؤساء الذين يتوصلون للقرارات المصيرية لبلادهم داخل المكاتب بعد دراسة وتمحيص الاسباب والنتائج ، فهو رئيس (بث مباشر) ، تصدر قرارته من وحي حماس الهتاف الشعبي ، وتحت تأثير الطرب والرقصات الرئاسية ، فجميع قراراته دائماً ما يطلقها من الميادين العامة ، وهي نتاج لما يطلق عليه باللغة العامية ب (الهوشة) .
وللرئيس ميزة اخرى ( وليست الميزة في الحسن وحده) ، وهي انه لا يلتفت الى الوراء، ولا يتعلم من اخطائه ، فهو يكرر الخطأ الواحد خمسة مرات قبل ان يمضي في تكراره للمرة السادسة، وهو - بذلك - ينهك اعوانه ومساعديه ايٌما انهاك في تبرير أخطائه وخلق الذرائع واصلاح ما يفسده لسانه، ولا يفيد في هذا المقام ترديد المواقف والقرارات التي اعلن عنها الرئيس ثم اعرض عنها ، فجميعها معروفة ومعلومة ولن نضيف جديداً بجردها او الحديث عنها . يقول الفقه العسكري – ان كان للعسكرية ثمة فقه – ان : "حشد القوة يغني عن استخدامها" ، ولهذه النظرية تفسير في غاية البساطة ، مقتضاه ، ان من يمتلك القوة العسكرية الكافية ، يهابه خصومه ، ولا يحتاج لاستخدامها ، ومن تطبيقات هذه النظرية في أرض الواقع ، ان مصر لم تحتاج الى استخدام قوتها العسكرية امام السودان في شأن ارض حلايب التي اخذتها بحمرة العين ، وبموجب هذه النظرية ، ينبغي على الدولة تقدير قرار الدخول في الحرب – أي حرب - بحساب قوتها في مقابل قوة خصمها ، والفرق بين تجاهل هذه المعلومة والأخذ بها هو الفرق بين الحكمة والتهور. كان لا بد لنا من هذه المقدمة قبل الحديث عن المأزق الذي دخلت فيه الحكومة باختيارها للمواجهة العسكرية في جبهتي (ابيي) وجنوب كردفان، وقد اخطأت الانقاذ في تقدير قوة الخصم ، بل ، اخطأت في معرفة خصمها الحقيقي في كلا المعركتين ، وهما خطآن لا يتحمل وزرهما الرئيس البشير ووزير دفاعه صاحب (الصافات) التي يتم انتاجها بالمنطقة الصناعية بالباقير وحدهما ، فقد شاركت أبواق الانقاذ مجتمعة في ضرب دفوف الحرب ، وزغاريد البارود والدخان ، ولم تظهر الى العلن اصوات العقل والحكمة ... اليس بينهم رجل واحد حكيم !!!! .
كما يقول المثل – ولعله مصري الاصل – (مش كل الطير بيتاكل لحمه) ، فاتفاقية نيفاشا ليست كاتفاقية القاهرة التي ضحكت بها الانقاذ على اصحابها فاستقدمت رموزها الى كراسي القماش عبر ترانزيت الوزارة او عضوية البرلمان ، وليست كاتفاقية ابوجا التي كان يقضي صاحبها اسبوعا بالقصر والاسبوع الذي يليه في التمرد، فهي – نيفاشا - اتفاقية ختمت – بعلم الانقاذ وموافقتها - بخاتم ضمان تنفيذ دولي ، تعهدت به الدول ذات (حشد القوة) . اتفاقية "نيفاشا" تضمنت النصوص التي تحكم أسباب الصراع الذي تجري بسببه الحرب الآن ويمكن تلخيصها في النقاط التالية : اولاً: تبعية (ابيي) للجنوب او الشمال يتم بموجب تصويت يجري بين (اهالي) المنطقة .
ثانياً : بحسب بروتوكول الترتيبات الامنية الملحق بالاتفاقية ، تبقى القوات القوات المشتركة (الجيش الشعبي) بمواقعها الحالية لمدة سنة من تاريخ الانفصال أي حتى 9 يوليو 2012. ثالثاً : يطبق قانون المشورة الشعبية في حق سكان منطقتي جنوب النيل الازرق وجنوب كردفان (وهو القانون الذي تم تفسيره بواسطة اهالي المنطقتين بانه يمنحهم الحق في تقرير مصيرهم اسوة بما حدث في جنوب السودان).
يرى كثير من رجال الانقاذ - منهم لأنفسهم - أن اتفاقية نيفاشا قد انتهت بنهاية مراسم استفتاء الجنوب، وأنها غير ملزمة بتنفيذ بقية نصوص الاتفاقية المتعلقة بالمشورة الشعبية والترتيبات الامنية و ... حتى استفتاء (أبيي) ، ولعل هذا الفهم هو الذي جعل قانوني متمرس مثل الاستاذ / ابراهيم الطاهر (رئيس البرلمان) ، يقوم بطرد نواب الحركة الشعبية من البرلمان - باعتبارهم اجانب - قبل ستة اشهر من تاريخ تحقيق الانفصال، وهو ذات السبب الذي جعل الخال الرئاسي يستنكر دعم رئيس الحركة الشعبية لمرشحي الحزب في الانتخابات باعتبار ان سيلفا كير اجنبي وغير سوداني. تحول التفسير الذاتي لنصوص اتفاقية نيفاشا ، الى واقع حقيقي حين اهتبلت "الانقاذ" أول ذريعة وقامت باحتلال (ابيي) كرد فعل لحادث الهجوم المعروف ، وقد اغرت السهولة التي استطاعت بها الانقاذ تحقيق (الاحتلال)، الرئيس البشير باصدار تعليماته للقوات المسلحة (بطرد) قوات الحركة الشعبية الى خارج حدود السودان المعروفة في سنة 1965.
نسى الرئيس - في غمرة حماسه - ان القوات التي يسعى لطردها جميع افرادها من ابناء الشمال لهم على ارضه من الحقوق مثل ما يملك – ان لم يكن اكثر – الفريق (عصمت) عبدالرحمن قائد القوات التي انيط بها تنفيذ مهمة (طرد) تلك القوات. انتقلت عدوى الحماس الرئاسي الى والي شمال كردفان ( ميرغني زاكي الدين) الذي تجري الحرب في ربوع جارته الجنوبية ، فأعلن عن تكوين هيئة برئاسته (للتعبئة والاستنفار والجهاد) ، وهو ذات الحماس الذي جعل المستشار والخبير الاعلامي عبدالعاطي يقول في تصريح لموقع الجزيرة نت: " استطاعت الحكومة بهذه العملية – ويقصد احتلال ابيي - المزاوجة ( لا ندري مدلول هذا اللفظ "المزاوجة" في هذا المقام ولعله مستوحى من معاملات البنوك الاسلامية) بين تحقيق الغرض الاساسي وهو اخلاء الجيش الشعبي من ابيي وحسم امرها لحين اجراء الاستفتاء " . أما عن الحلو وقواته ، فقد قال الدبٌاب ماجد سوار: " الحلو الآن هائم على وجهه في الجبال والوديان ولا يعرف له مكان وقواته تشتت وبدأت تسلم نفسها ولا تستطيع ان تقوم بأي عمل عدائي كبير في الفترة المقبلة" (صحيفة الرأي العام) .
الواقع يقول ان خصم الانقاذ في حربيها (ابيي وجنوب كردفان) لا يقف عند حد الآربعين الف مقاتل (مغبون) الذين يتألف منهم الجيش الشعبي بالنيل الازرق وجنوب كردفان ، ، فالخصم الحقيقي هم رعاة وضامني الاتفاقية واصدقاء الايقاد ، ومن بين هؤلاء تتخفى الآلة العسكرية الامريكية التي تبحث لها عن حقول تجارب جديدية ، و مجلس الأمن الذي ترفع له تقارير يومية بما يجري على نطاق الوطن المستباح ، وفي الفضاء توجد اقمار صناعية ترصد حركة الدواب التي تسير بين قريتين .
لقد فطنت الانقاذ الى هذه الحقيقة سريعاً ، ولعل الدرس الليبي الذي يجري حالياً قد اعانها في سرعة الفهم والاستيعاب ، واستنجدت الانقاذ بالمستر (امبيكي) الذي يسٌر لها فرصة الجلوس مع الحركة الشعبية في اديس ابابا ، فوافقت الانقاذ على الانسحاب من (أبيي) وايقاف الحرب في جنوب كردفان والتعهد بعدم المساس بقوات الحركة في جنوب النيل الازرق ، و... لكن ... بقى شيئ واحد ... : من يقنع قطبي المهدي وابراهيم غندور بأن كل ذلك قد حدث فيخرصا ؟؟حمدنالله | |
|